سورة الكهف - تفسير تفسير ابن جزي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الكهف)


        


{وَعُرِضُوا عَلَى رَبِّكَ صَفًّا لَقَدْ جِئْتُمُونَا كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ بَلْ زَعَمْتُمْ أَلَّنْ نَجْعَلَ لَكُمْ مَوْعِدًا (48)}
{نُسَيِّرُ الجبال} أي نحملها، ومنه قوله: وهي تمر مر السحاب، وبعد ذلك تصير هباء {وَتَرَى الأرض بَارِزَةً} أي ظاهرة لزوال الجبال عنها {وَحَشَرْنَاهُمْ} قال الزمخشري: إنما جاء حشرناهم بلفظ الماضي بعد قوله: نسير للدلالة على أن حشرناهم قبل تسيير الجبال ليعاينوا تلك الأهوال {فَلَمْ نُغَادِرْ} أي لم نترك {صَفَّاً} أي صفوفاً فهو إفراد تنزل منزلة الجمع، وقد جاء في الحديث: إن أهل الجنة مائة وعشرون صفا أنتم منها ثمانون صفا {لَّقَدْ جِئْتُمُونَا} يقال هذا للكفار على وجه التوبيخ {كَمَا خلقناكم} أي حفاة عراة غرلا غير مختونين.


{وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا (49) وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلًا (50)}
{وَوُضِعَ الكتاب} يعني صحائف الأعمال، فالكتاب اسم جنس {كَانَ مِنَ الجن} كلام مستأنف جرى مجرى التعليل لإباية إبليس عن السجود، وظاهر هذا الموضع يقتضي أن إبليس لم يكن من الملائكة، وأن استثناءه منهم اسنثناء منقطع، فإن الجن صنف غير الملائكة، وقد يجيب عن ذلك من قال: إنه كان من الملائكة بأن كان هنا بمعنى صار: أي خرج من صنف الملائكة إلى صنف الجن، أو بأن الملائكة كان منهم قوم يقال لهم الجن وهم الذين خلقوا من نار {فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ}: أي خرج عن ما أمر به، والفسق في اللغة: الخروج {أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَآءَ} هذا توبيخ ووعظ، وذرية إبليس هم الشياطين واتخاذهم أولياء بطاعتهم في عصيان الله والكفر به.


{مَا أَشْهَدْتُهُمْ خَلْقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَا خَلْقَ أَنْفُسِهِمْ وَمَا كُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُدًا (51) وَيَوْمَ يَقُولُ نَادُوا شُرَكَائِيَ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ فَدَعَوْهُمْ فَلَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُمْ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ مَوْبِقًا (52) وَرَأَى الْمُجْرِمُونَ النَّارَ فَظَنُّوا أَنَّهُمْ مُوَاقِعُوهَا وَلَمْ يَجِدُوا عَنْهَا مَصْرِفًا (53) وَلَقَدْ صَرَّفْنَا فِي هَذَا الْقُرْآنِ لِلنَّاسِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ وَكَانَ الْإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا (54)}
{مَّآ أَشْهَدتُّهُمْ} الضمير للشياطين على وجه التحقير لهم أو للكفار أو لجميع الخلق، فيكون فيه ردّ على المنجمين وأهل الطبائع وسائر الطوائف المتخرصة {وَمَا كُنتُ مُتَّخِذَ المضلين عَضُداً} أي معيناً ومعنى المضلين: الذين يضلون العباد وذلك يقوّي أن المراد الشياطين {وَيَوْمَ يَقُولُ نَادُواْ شُرَكَآئِيَ} يقول هذا للكفار على وجه التوبيخ لهم، وأضاف تعالى الشركاء إلى نفسه على زعمهم، وقد بين هذا بقوله: الذين زعمتم {مَّوْبِقاً} أي مهلكاً، وهو اسم موضع أو مصدر من: وبق الرجل إذا هلك، وقد قيل: إنه واد من أودية جهنم، والضمير في بينهم للمشركين وشركائهم {فظنوا أَنَّهُمْ مُّوَاقِعُوهَا} الظن هنا بمعنى اليقين {مَصْرِفاً} أي معدلاً ينصرفون إليه {جَدَلاً} أي مخاصمة ومدافعة بالقول ويقتضي سياق الكلام ذم الجدل، وسببها فيما قيل مجالة النضر بن الحارث، على أن الإنسان هنا يراد به الجنس.

4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11